الخميس، 24 أغسطس 2017

نشوة انتصار خائبة

 نشوة انتصار خائبة


كنت غارقا في نومي بعد ان ادخلني الجو الهادئ المعتدل بهوائه الخفيف لأواخر نهاية اشهر الصيف الحار في حلم جميل مع امراة تغني بعفوية وبصوة ملائكي في حديقة صغيرة. لكن لم تمضي لويحظات حتى بدا صوتها يصبح رماديا حادا وشعرت بعضة فم على جسدي أيقظتني من هذا الحلم الذي رغم الالم ورغبتي بالنهوض كان النعاس هو الغالب واستشعرت يدي وبدات بحكاك معصمي الذي بدأ الخدر تدريجيا . وها هي مرة اخرى غفلة النوم التي انقطعت بتوهج ناري في يدي الاخرى تركتني مفتوح العينين لبرهة قبل ان اضربها بيدي المصابة من قبل وتراجع هول الصدمة الثانية حتى تبعها عدد من الصعقات على قدماي وجانبي لم اكترث لها بل مددت قدماي اكثر وتأكدت انهما تحت غطائي الناعم وادخلت يداي تحته واغمضت عيناي على امل العودة لحلمي الجميل . بدا صوت الساعة اعلى الان فالهدوء يعم المكان وتزايدت خربشة اغصان النباتات القريبة من شباك غرفتي وامتزجت بانين وازداد الى طنين يسرع مقتربا مني . رفعت راسي لأنظر حولي لكن الظلام كان بهدوء الغرفة فاستسلمت لرغبتي في النوم وبدا الجو يصبح شاعريا يعيد لحن مغنية حلمي التي ضاعت بين همس و انين وزنين قريب . ادرت راسي يمينا فانقطع الصوة الذي ما لبث ان عاد بسرعة كبيرة ليؤكد لي انني لست وحدي في غرفتي و زال البؤس من وجنتي بعد دقيقتان وانا احاول تتبعه واستباق اتجاهه واكد لي سمعي لبرهة ان الامر زال . وبدأ جفناي بالتعب و الانغلاق حتى شعرت بلسعة قوية في قدمي المغطاة بحرص قمت على اثرها مصدوما لأتحسس ما جرى لكن يداي لم تبلغاني بشئ والالم مستمر فنهضت لأنير المصباح الذي يبعد عني امتار قليلة وفي طريقي انهالت على يدي لسعتان في مكانين مختلفين اسرعت لزر المصباح فأنرته ليظهر ان على جسمي بقع وردية في كل مكان تم لسعي فيه . عدت الى فراشي لأتأكد ما يحتويه وقلبته وعكفته واعدته ولم ارى به ما يريب ثم اخذت نفسا عميقا وارتشفت بعض الماء من كاسي الذي اجهزه يوميا قبل ان انام واضيف اليه بعض الليمون والنعناع وعدت الى فراشي بعد اطفائي المصباح و ماهي اللا برهة حتى ارتفع حصيلة بقعي الوردية الى اخرى جديد مصحوبة بلسعة مؤلمه وطنين قريب من اذني ليرميني بفزع ويوضح لي اني غريمي هذه الليلة بعوضة تعتاش على دمي وتستغل ضعفي لنومي . لكنني اصررت على انهاء هذه المعركة واستقدت شرا بسبب غياب نعاسي فجمعت قوتي ونهضت الى المصباح واتجهت الى غرف البيت بتتابع ابحث عما سيقضي على عدو الليلة وكان المطبخ محطتي الاخيرة التي كنت اتمنى ان اجد فيه اداة او دواء او بخاخ ينصرني على غريمي لكنني عدت الى غرفتي خالي الحيلة قبل ان اجد ضالتي بكتاب شعر كنت اقراه بضع ليالي ليكون اليوم سيفي الذي بدأت اضرب به كل ما كنت اتصوره هذه الحشرة البغيضة على جدران غرفتي لكن دون جدوى بل ما زاد غيضي هو تتابع مرورها من حولي كأنها تستعرض قوتها و تصميمها لامتصاص دمي وازدادت اعصابي ثورة بعد هياج مكان اللسعات في جسمي مما دفعني لسحب منشفتي المعلقة الى الجدار وإرخاءها في الغرفة كمروحية لأقطع على هذه البعوضة الخبيثة دورانها من حولي رغم اسقاطي عدد من حاجياتي في الغرفة لكنني بدأت احصد ثمار فكرتي و ادفعها الى زاوية وتباغتني الى اخرى وكانت نهايتها خلف باب الغرفة المغلق عندما اجبرها هواء منشفتي على الوقوف وكان كتاب الشعر لها بالمرصاد . بدات اصرخ بتباهي مخاطبا اياها بكل ما يخطر بخلدي و بإحساسي المنتصر القاهر البطل. انه احساس جميل و تأكيد على العزيمة والقوة والارادة و ثأرا لدمي الذي اهدرته لسعاتها المؤلمة . اخذت ما بقي من ماء قدحي ومسحت به على يدي وقدمي و ارتشفت رشفة اخرى منه و عيناي لم تفارقان جثمانها على ظهر الكتاب . وخاطبت البعوضة المقتولة بتعالي و تكبر ,,.,,,, انتي لن تبيتي معي في غرفتي اليوم حيتا كنتي او ميته ,,,, و انا ارافع الكتاب الذي قضى عليها واتجهت الى نافذة الغرفة وفتحته ورميتها وانا فرح بخروجها من غرفتي و ليليتي الى الابد. لكن لم يخلد الى ذهني انني اتخذت اكبر خطا في حياتي ففي حين ان جثتها مقطعة الاوصال والممزقة تتساقع امام عيناي الى الارض من نافذتي المفتوحة كانت هناك العشرات منها تدخل من نفس النافذة التي كانت العائق الوحيد لإبعادها عني هذه الليلية التي اصبحت مأسوية اكثر فأكثر وحرمتني من العودة لمعشوقة الحلم

تمت    بقلم عمر البرواري



عمر عبد العزيز سعيد البرواري